إذا سألوني عن أكثر لحظة شعرت فيها بالسلام الداخلي فلن أحتاج للتفكير طويلًا… سيأخذني قلبي مباشرة إلى ذاك الصباح
كان الوقت ضُحى، والبيت نائمٌ بكل من فيه… إلا أنا وخالتي.
في صالة بيتها كانت تفرز الحبق المديني ذاك العطر الطاهر الذي ملأ المكان.
رائحة تشبهها ناعمة، حنونة، خفيفة ولكنها تبقى.
وفي الخلفية صوت عبادي الجوهر ينساب كما لو أنه أُعدّ لذلك الصباح فقط:
“حُبك أنتِ شمس ناسيها الغروب
لاهي بتحرقني ولا منها هروب…”
كنا نردد معه سطرًا بسطر
نضحك حينًا، ونتناغم حينًا آخر، حتى جاءت جملتنا المفضلة:
“وش تبين؟”
ونحن نمدّ أيدينا بتساؤل ونضحك مجدداً
أسندت رأسي على الطاولة أمعن في هذا المشهد الشاعري… هدوءٌ لا يُشبهه شيء وسكينة شعرت بها تحت جلدي و في عروقي!
كبرت… وتغير كل شيء
إلا تلك اللحظة
كلما دخلت بيتها شعرت بها تقف هناك
في الزاوية نفسها تفرز الحبق وتردد “وش تبين؟” بضحكة
وكأن الزمن حفظها لي
وحدي فزت بها
وحدي كنت هناك حين نام العالم وبقيتُ معها… وبقي عبادي الجوهر يغني لنا وحدنا.
رحمك الله يا خالتي، ما زلتِ سلامي المعلّق في ذاك الضُحى.